العيد والرسائل

جزء من النص مفقود… 💬

كل عام وانتم بخير ، وتقبل الله منا ومنكم صالح العمل . لماذا أفرح بالعيد؟ وكيف أفرق بين الفرح به وبين مواقف حياتنا الطبيعية وغير الطبيعية؟ وكيف نعرف أن هذه المعايدات مكنونة في حب واهتمام؟ وكيف أعرف إذا كنت لا أعرف؟! حين تغيب مؤشرات الحياة يا صديقي، تغيب تلك المعاني.

حين نغيب في متاهات الزمن، وتدور ساعة الأيام مسرعة، وتنقطع الأخبار، هي تماما مثل جدب الأرض وانقطاع المطر؛ هي نفوسنا وذواتنا حين تتباعد.

قبل فجر عيد اليوم بساعتين كنت في المشفى لزيارة بنيتي ومهجة قلبي، وبوابة الدخول هذه تقابلها مباشرة بوابة الوفيات، وأنا أغادر رأيت مجموعة تقف أمام هذه البوابة ينتابهم الحزن، ويتناقشون في موضوع فقيدهم -رحمه الله-  وعند باب الطوارئ ينزل الإسعاف الحالات الحرجة والمصابة، مشهد في ثواني يختصر المعاني، وورد (رُبّ مبلغٍ أوعى من سامع) وكم منا قد شاهد هذه الأحداث ولكنها سرعان ما تنسى أو نتناساها.

اليوم ونحن في حركة متسارعة جداً، كما تتصورها وجاء في بالك وخطر على قلبك، وكلٌ في فلك يسبحون، وإن كنا في العيد ولزوم الفرح به، فينبغي التأمل قليلاً في أول عمل يقوم به المسلم بعد صلاة الفجر؛ هو إخراج الزكاة، وماذا يعني هذا؟

إنه  ليس مجرد عمل واجب أو ركن عظيم، بل في أول دقائق سعادتك يجب أن تضع نصب عينيك أن خلف الأبواب أشياء لا يعلمها إلا الله، فقر وحزن وألم، وربما حاجة وفاقة طبيعية في الإنسان من المستقبل، فتأتي هذه الزكاة مواساة سريعة، وتذكيرا بالنعم وتطهيرا للمال، وإذ يعيش عالمنا الإسلامي بين قتيل وجريح وطريد، فهناك ملايين الأسر اليوم التي تحتاج إلى هذه الزكاة، تقوية وبلاغاً إلى  حين.

لوهلة فقط قبل ثلاثين وأربعين عاماً، كان العيد يلبس ثوباً أراه اليوم أنه أجمل الثياب وأغلاها، وعطراً أتنفسه أنا واالذين بجواري، وسعيد بين نفسي وبين جاري، كان للقاء الأقران ألف معنىً ومعنى، واجتماع الأهل والأحباب ألف سرٍ وحكاية.

نكبر ونتقدم ويظل العيد في موعده، تتغير مفهيمنا ويظل العيد في موعده، نتخاصم ونهجر ونقطع ويظل العيد في موعده، ننجح ونفشل، ونخسر ونفوز ويظل العيد في موعده.

لن يكون العيد يوماً مفصًلا على مقاس شخصي لأي أحد كان، سيكون العيد كبيرا بكل المقاييس، وسيغمر قلبك بالسعادة إن أردت، لن يشتري السعادة اليوم لنا أحد، وحتى لو تحققت كل الطموحات والأماني، فالنظر في العواقب غائب ويلزمنا الرضى بالنتائج الموجودة، فالعيد موجود فأحضر سعادتك لتسعد.

احضر ما استطعت من مناسبات واجتماعات، اسأل الناس ومن تقابلهم، تحدث بما في خاطرك، كن مستمعا جيداً لفرحة الأطفال، املأ حياتهم سعادة، امسح ملابسهم من  آثار الحلاوة الذائبة، وتعامل معهم على عيدهم وكما يريدون، هي ثلاثة أيام، لتكن الابتسامة تعلو محياك.

تذكر دائماً أن العيد يشكل فرحة جماعية، ومن دواعي السرور الجماعي هو المظهر العام، فحيث أغلب الناس يرتدون الجديد، ورائحة العطر والطيب زاكيتان، فتؤثر فينا بالإيجاب، وهذه البيئة الجميلة من النظافة العامة والابتسامة أذا استطعنا ملازمتها فإنها تساعد كثيرا على الراحة وحسن التعامل.

العيد مدرسة كبيرة وهذه خاطرة، أحببت مشاركتها ويسعدني تعليقك ومشاركة أفكارك على هذه الخاطرة ، في مدونة رُشد. تعال وعيد معنا وعبر بما تريد.

ولا شك أننا معرضون لعواصف، سواء اجتماعية أو اقتصادية، وعاطفية وغيرها ويقول المتنبي

      عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ  **  بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ  

        أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ   **   فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ

من الصور الجميلة أن العيد كان أكثر حميمية قبل ثلاثين عاماً أو أقل بقليل، حيث كانت الرسالة تصلك وفيها (جزء من النص مفقود) ، اليوم الجزء المفقود هو ضعف التواصل رغم أن الرسالة تشبه رسالتي هذه، وعتبي على المحبين، هل الرسالة من قلب إلى القلب ، أم تحديد الكل وإرسال ويظل (جزء من النص مفقود).

وقال آخر

وَمَا  كُلُّ   مَنْ   يُبْدِي  الْبَشَاشَةَ   كَائِناً

أخاكَ   إذا   لَمْ    تُلْفِهِ    لَكَ   مُنْجِدا

لنتصالح في عيدنا، ويكون لنا نقطة انطلاق إلى عيد جديد.

 يزورك العيدُ والأشواق تحملهُ

                       وإن نأى عنك لم تحملهُ أرجلُهُ

 ويقول ابن المعتز:

أهـلاً بفِطْـرٍ قـد أضاء هـلالُـه ****   فـالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّـرِ

وانظـرْ إليـه كزورقٍ من فِضَّــةٍ   ***    قـد أثقلتْـهُ حمـولـةٌ من عَنْبَـرِ

عاد عيدكم، وعاش حبيبكم،،، وكل عام وأنتم بخير

عبدالله بن فائز

عن rushd.blog

rushd.blog

شاهد أيضاً

مقابلاتنا الشخصية

مقابلاتنا الشخصية | لا تجعل المقابلة ردة فعل… إجابة على السؤال المطروح سابقا… ماهي الخطوات …

error: المحتوى محمي !!